(( إن الروح إذا قُبض تبعه البصر ))

من طرف **طرطوش** الخميس 26 مارس 2015, 7:38 pm

عن أم سلمة - رضى الله عنها - قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة و قد شَقَّ بصره فأغمضه ، ثم قال : ( إن الروح إذا قُبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله ، فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون ، ثم قال : اللهمَّ اغفر لأبي سلمة ، و ارفع درجته في المهديين ، و اخْلُفْهُ في عَقِبه في الغابرين ، و اغفر لنا و له يا رب العالمين ، و افْسَح له في قبره و نَوِّر له فيه ) . رواه مسلم.

قال الإمام النووى فى " شرح مسلم " : -

قوله : ( و قد شَقَّ بصره ) : هو بفتح الشين ، يقال : شق بصر الميت ، و شق الميت بصره ، و معناه : شخص كما في الرواية الأخرى .

و هو الذي حضره الموت ، و صار ينظر إلى الشئ لا يرتد إليه طرفه .

قولها : ( فأغمضه ) : دليل على استحباب إغماض عيني الميت ، و أجمع المسلمون على ذلك . قالوا : و الحكمة فيه : ألا يَقبُحُ بمنظره لو تُرِكَ إغماضه .

قوله صلى الله عليه و سلم : ( إن الروح إذا قُبض تبعه البصر ) معناه : إذا خرج الروح من الجسد يتبعه البصر ناظراً أين يذهب .

قولها : ( ثم قال : اللهمَّ اغفر لأبي سلمة ) إلى آخره : فيه استحباب الدعاء للميت عند موته ، و لأهله و ذريته بأمور الآخرة و الدنيا .

قوله صلى الله عليه و سلم : ( و اخْلُفْهُ في عَقِبه في الغابرين ) أي : الباقين ، كقوله تعالى : ( إلا امرأته كانت من الغابرين ) . [ الأعراف 83 ].

و قال الإمام ابن قدامة فى " المغني " :-

و ينبغي للمصاب أن يستعين بالله تعالى ، و يتعزى بعزائه ، و يمتثل أمره في الاستعانة بالصبر و الصلاة .

و يتنجز ما وعد الله به الصابرين ، حيث يقول سبحانه : ( و بشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمة و أولئك هم المهتدون ) . [ البقرة 155 - 157 ].

و ليحذر أن يتكلم بشئ يحبط أجره و يسخط ربه مما يشبه التظلم و الاستغاثة فإن الله عدل لا يجور ، و له ما أخذ و له ما أعطى ، و هو الفعال لما يريد .

فلا يدعو على نفسه ، فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال لما مات أبو سلمة : ( لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يُؤَمِّنون على ما تقولون ) .